صدق ولا بـد أن تصدق، المنتخب المصري يؤدي أداءً مشرفًا في كأس القارات، أخيرًا حدث ما كان كل مصري يتمناه، المنتخب المصري ينهب الطريق نحو العالميـة بنفس لاعبيه الذين خاضوا آخر الانكسـارات، بنفس لاعبيه الذين قسا عليهم الإعلام ومن ورائه الجمهور، ها هي مصر.. تقسو مهما تقسو، ونبقى أبدًا نُكنّ لها مزيـدًا من الحب والوفاء، ونبذل ما نستطيع؛ لنجعلها في مصافِ الدول الكـبرى على كل الأصعدة، ففي مصر، الكادح يتفانى،والقادر لا يتأخر من أجلها وكلـنا في سبيل رفعتها نسير.
بعـد نكسة البلـيدة - مباراة الجزائر- خال الجميع المنتخب المصري مُستأنسـًا، وسيكون ضيف شرف حفل كأس القارات، أو بمعنى أقرب، حصّالة النقاط التي يستحيل عدم مرور المنتخبات البرازيلي والإيطالي والأمريكي بها، لينتزع ثلاث نقاط يَسيرَة، تُعينه على استكمال مسيـرته نحو الدوري الثاني في البـطولة، لكن المنتخب المـصري أبى أن يكون ذلك الكائن المستضعف، وإذا به ينتفض فجأة في وجه لاعبي البرازيل، يُعبـر عن نفسـه، ويبيّن للعالم قدرته على تذليل أعتى العقبات، لكنه يخفق في أول اختبار في تذليل عقدة التمثيـل المشرف، التي باتت في الفترة الأخيرة صناعة واستخدامًا مصريين، حتى جاءت مباراة مصر وإيطاليا، تُظهر في الأفق نكسة جديـدة لأحفاد الفراعنة، لكنّ أبناء مصر وحاضرها، استحضروا ذاكرة الانتصارات، وخذلوا تكهنات أكثر المصريين تفاؤلاً، وراحوا يصولون ويجولون في أرض الملعب وأبطال العالم يئنون، وبالكاد يتمردون على واقع المباراة في محاولات مستميتة للسـيطرة على سير المباراة، وفى النهاية يفقدون ثلاث نقاط غاليـة، أهداها لاعبو منتخب مصر للمصريين، وجاء اللقاء الأخير بهزيمة على عكس المتوقع من المنتخب الأمريكي ولكن هزيمة يغلفها الإجهاد والإصابات وهي هنا ليست بالشماعات وانما هي أسباب منطقية بعد نهاية دوري وخروج من لقاء صعب امام الجزائر ثم لقائين قويين في بداية البطولة.
مخـطئ من يعتقد أن المنتخب المصري ذهب لجـنوب إفريقيا بغاية ارتداء ثوب البطولة، فبطولة كأس القارات شرفية لا أكثـر، الفوز والخسارة فيها متعادلان، لكن المباريات القوية والاحتكاكات مع أقوى منتخبات العالم هي الفائدة الكـبرى من هذه البطولة، خصوصًا وأننا الآن نتأهب لخوض ثالث جولات تصفيات بطولة كأس العالم القادمة، والوصول لكأس العالم هو الأهم.
والحقيقة، لم تخل رحلة المنتخب المصري من الفوائد والدروس المستفادة التي يجب أن نتشبث بها، حتى يصل بها هذا الجيل عقد إنجازاته وتبقى خالدة مع الزمن،يتخذ منها الخلف عبرة تعينهم على المستقبل.
أول الفوائد عودة الروح على إثـر ثورة وانتفاضة لاعبي منتخب مصر لأخذ حقوقهم المهدرة كلاعبين عالميين، دفنتهم العنصرية، ولا نخفى أن استهتارهم دفنهم مع العنصرية، والآن هم ينتظرون من ينفض عنهم التراب ليلمع نجمهم، فهل يتخلى هذا العالم عن عنصريته إن تخلوا عن إهمالهم؟؟؟.
ثاني الفوائد تخلّى المنتخب المصري عن نغمة التمثيل المشرف التي دومًا ما يلحق بها هزائمه وانكسـاراته، والحقيقة أن الهزيمة هزيمة، ولا يمكن أن نطلق عليها "تمثيلا مشرفا"، وإلا فنحن نخدع أنفسـنا، ولو كانت مباراة مصر والبرازيل آخر مباراة نسميها تمثيلًا مشرفًا، فبإذن الله ستستمر الانتصارات مادمنا نوبخ المنهزميـن على تقصيرهم، ونمدح الفائزين على تفانيهم.
ثالث الفوائد هذه البطولة القوية علـمت المصريـين أن البطولة ليست كأسًا يُحمل أو سطورًا يحكيها التـاريخ، وإنما استمرار في الإنجازات، وبدون الاستـمرار كانت البطولة شيئًا منقوصًا، ماض بدون حاضر يهدم المستقبل، وهو ما كان المنتخب المصري يفتقده في السابق، وعلى ذلك بدأ يدخل في الدوامة.
رابع الفوائد فاز المنتخب المصري على المنتخب الإيطالي في ثاني مباريات كأس القارات، بالتقلب التكتيـكي، فقد غيّر المنتخب المـصري طريقة لعبه المعتادة المعتمدة على خلق مساحات، والتحكم في الخصم من خلالها، وهو ما كان يصعب على منتخب مصر فعله مع المنتخب الإيطالي، صاحب مدرسة تضييق أرض الملعب.
خامس الفوائد هزم منتخب مصر الخوفَ الذي اعتاد أن يهزمه، قبل أن يهزمه منافسـه، فقد باغت المنتخب البرازيلي وانقض على المنتخب الإيطالي بطل العـالم كالأسد الذي ينهش فريسـته، كل ذلك دون خوف أو حتى إعارة الأوصاف نظرة اهتمام، فهمة أحفاد الفراعنة لا تعرف سوى الجديـة ثم الانتصار.
سادس الفوائد تيقن المنتخب المصرى أن الكره ليـس لها كبـير، ولا تهوى قراءة التاريخ، فها هو المنتخب الأمريكي صاحب التاريخ المحدود "يكتسح" المنتخب المصـرى بثلاثية مجحفة، ويصعد للدور الثانى من البطـولة على غفله من الجميع، ويفوز على المنتخب الأسباني وينافس على لقب بطل القارات،،، هذه كرة القدم لمن لا يعرفها.. لا تعرف المستحيل ولا تعترف بالتاريخ.
سابع الفوائد بعد البطولة، تفتحت أعين الكابتن سمير زاهر لتبحث عن مدرب أحمال ـ كما تشـير الأخبار ـ لمنتخب مصر، نعم.. بطولة كأس القارات أثبتت لنا قصور شديد فى اللياقة البدنية لدى لاعبي المنتخب المصري، وذلك القصور ليـس وليد مباراة إنه وليـد مفاهيم وطرق خاطئه فى تربية الناشئين.
حسـن الخاتمة أن ندعم ونثنى على أبناء مصر، أبناء حسـن شحاته الذين رفعوا راية مصر خفاقه تعلو كل رأس كانت تعتقد أنها فوق الجميع فى بعض أوقات البطولة، ومع ذلك لا يختلف اثنان على أن الأخطاء موجوده وبكثرة، ويجب أن يدرسها المعلم وأعوانه فيما بعد، ولا نُصح الآن يُجدي سوى نُصح الجماهير بحب مصر
ونُصح الإعلام بالقسـوة – البناءة، والموضوعية - متى وجد أي أخطاء، وإتحاد الكرة بالحساب العسـير بعد هوجة تصفيات كأس العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق