20‏/6‏/2009

تحلـيل مباراة مصر وإيطاليا



الكشرى إلتهم الإسباجتى



حقيقة ،لا أتفق مع كل انسان جلس أمام شاشة التلفاز أثناء مباراة مصر وإيطاليا مذهولاً من آداء المنتخب المـصرى ،أو متعجباً للّحظات التى تلاعب فيها العقل المصرى بالجسـد الايطالى ،وكان ذلك متوقعاً فهذه المباراه تعد مباراة فرض الأسـلوب فإن تمكن المنتخب الايطالى من تضييق مساحات الملعب تمكن من الفوز بجـداره وإن تمكن منتخب الساجدين من خلق مساحات تتيح له تملك مجريات اللقاء ،هكذا كنا نتوقع سير المباراه وبالفعل سارت فى أحد الطريقين ،سارت فى الطريق المؤدى إلى فرحة ما يقارب خمسه وسبعين مليون مصرى ،لا إنها بلا جدال سارت فى طريق إسعاد كل الوطن العربى من مشارقه لمغاربه ،هكذا تمكن الكشرى المصرى الكـادح من إذلال علية القوم ،البيتزا والاسباجتى.
دخل المنتخب المصرى المباراه المائه فى تاريخ بطولات كأس القارات بذاكرة الهزيمه المشرفه من البرازيل ،ولا ولن تكون أبداً أى هزيمه فى حد ذاتها مشرفه فسيسطرها التاريخ هزيمه لكن الآداء كان قمه فى الاحترافيه واللمعان ،وصفق العالم كله لمنتخب مصـر ولاعبيه بعد تلك المباراه الخـالده.

انطلقت التقارير الصحفيه الوافده إلى مصر قبل اللقاء المنتظر تعلن التشـكيل الأساسى للمنتخب المصرى ولم يكن غريباً على المسامع فكان خط الدفاع فى تلك المباراه هو نفسه فى مباراة البرازيل "هانى سعيد ليبرو و أحمد سعيد ووائل جمعه مساكين" وكان خط الوسط يحمل مفاجأه لم تكن متوقعه وهى الزج بنجم النادي الإسماعيلى محمد حمص فى خط الوسط وليس عدم توقعها لقلة إمكانات اللاعب إنما لإصرار المعلم على عدم الاعتماد عليـه حتى فى ظل ضعف مستوى لاعبى خط الوسط المصريين ،وإلى جانب حمص "أحمد فتحي وسيد معوض جناحين ،حسـنى عبدربه ومحمد شوقـى" أما عن الهجوم فأخطأ شحاته خطأ جسـيم أخطأه مسبقاً فى مباراة البرازيل وهو الدفع بمحمد زيدان وهو مهاجم متأخر كمهاجم صريح وحيد ويتأخر محمد أبـوتريكه خلف محمد زيـدان بغاية ربط النظام الدفاعى بالنظام الهجومى.
وعن تشكيل المنتخب الإيطالى فلم يختلف كثيراً حيث أن ليـبى تعلم من أخطاء المباراه الأولى فدفع بزامبروتا وكانافارو وكيللينى وجروسو فى الدفاع وأمامهم دى روسى وبـيرلو وجاتوزو وأمامهم جيوسيبى روسى الذى أدي آداء أكثر من رائع فى مباراة أمريكا وايطاليا ،وفى الهجوم ياكوينتا وكواليريلا.
بدأ اللقاء الخـامس فى التاريخ بيـن المنتخبين المصرى والإيطالى هادئاً بعض الشئ ،سجالاً بين الطرفين حتى حلت الدقيقه السابعه وحل معها تفوق إيطالى متوقع يدق الحصون المصـريه التى تكدست أمام منطقة الجزاء المصريه منذ الدقيقه الأولى ،فقد أمضى المنتخب المصري وقتاً أطول من المنتخب الإيطالى فى جس النبض واستغل لاعبو المنتخب الإيطالى ذلك فى محاولة بث الرهبه بين ضلوع لاعبى المنتخب المصرى ،واستمرت السيطره الإيطاليه قرابة الثلث ساعه الأولى من المباراه وغالباً ماكان الضغط الإيطالى مبدأه الأجناب وخصوصاً الجانب الأيمن للمنتخب الإيطالى الذى قاده بإقتدار حتى نهاية الشوط الأول زامبروتا ويعينه على ذلك من خط الوسط جاتوزو وجوسيبى روسى ولكن سيد معوض وإلى جانبه حسـنى عبدربه ووائل جمعه إستطاعا إيقاف السيل الإيطالى الذى لم يفعل شئ سوى بعض المباغتات على الجبهه المصريه ومرت العشرون دقيقه الأولى بسلام فقد إستطاع الدفاع المصرى اعادة الكره على الجانب الأزرق بعد أن كانت محصوره فى منتصف ملعب منتخب مصر نتيجه للضغط الايطالى القوى على لاعبى المنتخب المصرى من منتصف الملعب.
ويعتبر ما بعد أول عشرين دقيقه من المباراه مرحله ثانيه من المباراه ،مرحلـة الدفاع المحـكم من الطرفين ورمى الحمل على منتصف الملعب وتلك الفتره شهدت تقدماً للاعبى الخط الخلفى بعض الشئ فى المنتخبين وهو ماسهـل الهجمات المرتده فى بعض أحيان الشوط الأول على كلا المنتخبين ولكـن لا حياة لمن تنادي ،ظلت الهجمات وبدأ معها عقم هجومي شديد وتفوق دفاعى يقول بأن المنتخب الايطالى يلعب بطريقته الدفاعيه العاديه ،التقلـيديه التى تخص مدرسه بدعها الايطاليون الأوائل فى كرة القدم وتعد المدرسه الايطاليه هى الأولى فى العالم من حيث الكفاءه الدفاعيه والثانيه فى العالم من حيث الآداء الجيد بعد المدرسه البرازيليه التى تعتمد على الأسلوب المهارى الجماعى الذى يخلق توازناً بين الدفاع والهـجوم وهو ماحدث فى المنتخب المصرى خصوصاً فى الجبهه اليسرى التى كانت مضغوطه فى الشوط الأول وبعض فترات الشوط الثانى ،وان كان المنتخب الإيطالى أصر على مدرسته التقليديه الدفاعيه ولم يحدث تغييراً ولو كان طفيفاً فان المنتخب المصرى بدأ يداعب ذهنه فى أثناء مواجهة المنتخب الإيطالى وأجرى بعض التطويرات على طريقة اللعب الثابته له فى الفترات الماضيه حتى يستطيع أن يساير ويسايس بها المنتخب الإيطالى العنيد وهذا هو التفوق المصرى أو هذه هى التحويجه التى استطاع بها المعلم ولاعبوه ضرب الساتر الايطالى العظيم الذى صنعه لاعبو الآزورى ليصل لاعبو المنتخب المصري لمرمي بوفون ويضيعون فى إشاره واضحه لإقتراب معانقة الكره لمرمى بوفون الذى لم يعد ببعيد ،فلم يكن الحارس الإيطالى المخضرم أسداً فى هذه المباراه كعادته.
ولم تكدب الكره خبراً فعانقت الشباك للمره الوحيـده خلال المباراه فى الدقيقه الـ39 من ضربه ركنيه صفعها محمد حمص "أفـضل لاعبى اللقاء بتقييم الفيفا" برأسه وسط غفلة الدفاع الإيطالى ودوت معها الصيحات والتصفيقات وانطلق الجمهور المصرى يسبح فى حلمه الذى خاله بعيد المنال لكـنه وبكل سهوله ناله.
حقيقة ،لا ينبغى أن نبخث حق عصام الحضرى فحين خرج عن النص كنا أول من دق رأسـه بالمطرقه وللحق فحين يجيد يجب أن نشهد له ،الحضرى كان من أفضل لاعبى اللقاء بدون جدال وخرج علينا بعض المحللين يقولون بأن الحضرى الأفضل ،نعم فقد كان هو والنمس محمد حمص على مستوى واحد أكثر من جيد حتى إن موقع جول العالمى قيم الحضرى بتسع درجات وتعد تلك ـ كما أعلن ـ
من المرات القلائل التى يقيم فيها الموقع العالمي لاعب بعشر درجات لكن الدرجات عجزت أمام تفوق الحضرى.
كان من السهل على أى من المنتخبين التسجيـل فى مرمي الآخر فى لحظات الإندفاع العشوائى التى وقع فيها الفريقان كثـيراً حيث أن المنتخب الإيطالى تخلى عن تنظيم الدفاعات بعد الهدف الأول لمصر ،والمنتخب المصرى كان يتفكك فى لحظات السرحان مع الضغط الإيطالى لكن هجوم الفريقين لم يتمكن من إستغلال الفرص التى أتيحت لهما على مدار شوطي اللقاء.
خط الوسط فى المنتخبين كان محور الآداء طوال اللقاء ففعل كل شئ فى هذا اللقاء من تحويل سريع للملعب ،وضغط فقد كان المنتخبان يمارسان الضغط على بعضهما من منتصف المـلعب وكان خط الوسط من حيث الدفاع أكثر من رائع فى المنتخبين وكان الهجوم خلال الشوط الأول أكثره من على الأطراف ،لكن خط الوسط من حيث الهجوم كان متوسطاً لأن المنتخبين حصنا دفاعاتهما بكفاءه تمنع تسريب الكرات مما جعل لاعبى خط الوسط يحاولون إسقاط المنافس بالكرات المباغته من خارج منطقة الجزاء.
الهجوم فى المنتخبين يحتاج لوقفه فالهجوم الإيطالى لم يكن على القدر الكافى من القوه التى تمكنه من التسجيل فى المنتخب المـصرى خصوصاً وأن ياكوينتا راح خلال الشوط الأول فى نوبة سبات عميقه ولم تكن حاسته التهديفيه نشطه فى تلك المباراه الصعبه وكواليريلا كأن لم يكن ،ولم يكن جوسيبى روسى كما كان فى مباراة المنتخب الايطالى أمام نظيره الأمريكي كلمة السر الرئيسيه فى الفوز ،ولم يهتم جاتوزو إلا بالدفاع نتيجه للهجوم الضارى الذى شنه المنتخب المصرى على المنتخب الايطالى فى بعض أوقات اللقاء والتى كان دفاع الآزورى فيها مفككاً وعشوائياً بصوره لم نر المنتخب الإيطالى عليها من قبل فقد أعطى المصريون للجميع درساً فى كيفية دك الحصون الإيطاليه وأيضا لم يظهر دانيلي دى روسى مهاجماً سوى فى بعض الكرات الضاله من خاربج منطقة الجزاء ،الخلاصه..لم تكن هجمات المنتخب الإيطالى تهدد المنتخب المصرى سوى فى الدقائق الأولى وكانت كلها من الجبهه اليسرى واستطاع الدافع كبحها ،وفى الدقائق الأخيره التى تعد دقائق "الفرفره" بالنسبه للمنتخب الايطالى.
مره أخرى نقول ونعيد ونزيد ونكرر ،المنتخب الإيطالى يحتاج الشق المهارى فى الهجوم وهو الذى افتقده مع اعتزال فرانشـسكو توتى واستبعاد ديل بييرو ،فبيرلو لا يستطيع سد تلك الحاجه للمنتخب الإيطالى ولما دفع لـيبى بجوسيبى روسى فى تلك المباراه لم يستطع سد الفراغ المهارى ،وكان تغيير جاتوزو بمونتليفو خطوه فى طريق تكرار ما فعله فى مباراة أمـريكا لكنه عجز أمام أسلوب اللعب المصرى.
أما هجوم المنتخب المصرى فكان أسوأ خطوطه بلا منازع ولا رجعة فى ذلك للاعبين فالمعلم لعب بأسلـوب دفاعى يهضم حق الهجوم بوضوح حيث أن الهجمات المنظمه للمنتخب المصرى كانت قليله جداً ،وخط الوسط كان منصرف للدفاع أكثر منه للهجوم نظراً لمباغتات المنتخب الإيطالى العديده التى لم تستطع فك طلاسم الدفاع المصرى ،وأبوتريكه كان متأخراً لذا كانت مهامه فى معظمها "التحضير" ،وكان زيدان يتأخر فى منتصف الملعب بهدف الإستلام حتى لحقته اصابع فى العضله الخلفيه جعلته مهاجم صريح وهو ما كان يحتاجه المنتخب المصرى لذا نرى بعد إصابة زيـدان أن الفريق المصرى أصبح أكثر فاعليه على المرمي على عكس دقائق ماقبل إصابة زيدان ،وحينما تم الدفع بأحمد عيـد عبدالملك ،أصبح الهجوم فرد وهو عيد عبدالملك ويسانده محمد أبـوتريكه من الخلف فقط لا غير مما خلق بعض الفضاء فى الثلث الهجومى للمنتخب المصرى أثناء المرتدات جعل الغلبه لدفاع المنتخب الإيطالى ،فقد كان أحد عيوب خط وسط المنتخب المصرى بطأ الارتداد على عكس المنتخب الإيطالى.
انتهى اللقاء ،فاز المنتخب المصرى لما تناسى أنه بطل ،لما عرف أن البطوله ليست كأس إنما استمرار فى الانتصار ،لما أدرك أن الرفعه تواضع وهو ما فشـل المنتخب الإيطالى فى إدراكه وكان هازمه ليس المنتخب المصرى وحده إنما غروره معه لتتضائل فرصه فى الصعود للدور الثانى بعد أن حسم المنتخب البرازيلى أحد المركزين الأول أو الثانى ويتساوى بطل العالم فى فرص الصعود للدور الثانى مع بطل إفريقيا وللعلم فقط هذا لا يعد فخراً لبطل القاره السمراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق